عائلة مارمينا صحافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجمجمه

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

الجمجمه Empty الجمجمه

مُساهمة من طرف magdy z الأحد 19 يوليو 2009, 21:05

روى ونحن جلوس حوله فقال
ذات مرة وعندما كنت مريضا |أتى إلى واحد من الاباء ليودعنى ودخل ( المحبسه ) ليجلس الى جوارى حيث كنت نائما وقلايه الراهب تتكزن عادة من قسمين : الاول ويمثل مدخلها وقد درج الاباء على تسميته المضيفه حيث يخصص لاستقبال من يزورة من الاباء وكذلك لعمل اليد ولطعامه أما القسم الثانى فهو الواقع الى داخل ويسمى المحبسه حيث فيه يحبس الراهب نفسه يصلى ويقرأ ويتأمل ويصنع الميطانيات وفيه ايضا ينام وان كان هذا الجزء من تدبيرة لا يسميه الاباء بالنوم بل بالراحه فيقول كنت مستريحا أو سأستريح الان اذ يحسب وقت الراهب كله عملا متواصلا يتخلله بعض الراحه من وقت الى اخر
والمحبسه لا يدخلها احد ففيها سر الراهب وفكرة وتدبيرة مما لا يحب ان يطلع عليه احد فلربما كان ينام فوق الارض المجردة ( مثلما يفعل الكثيرون ) وربما كان ينام مستندا الى حائط وهو فى العادة يثبت على جدرانها بعض اللوحات يكتب عليها ما يوافق حالته الروحيه وحروبه فيختار لذلك بعض الايات او اقوال الاباء ربما عن الاتضاع او ضبط الفكر وغيرها فتعكس بذلك جهادة واهتماماته الروحيه ولكن ضيفى لاحظ ما هو اغرب من ذلك اذ كنت قد وضعت جمجمه انسان على رف خشبى مثبت على الحائط الغربى لتكون فى مواجهتى عند النوم
لا تنزعجوا فان هذا الامر كان مالوفا على نطاق واسع بين الرهبان لا سيما فى الجيل السابق لنا
ومثل تلك الجماجم والتى كانوا يعلقونها احيانا بسلسله على الحائط او يضعونها فوق منضدة او رف خشبى كانت مما يجدونه فى الصحراء او عند بعض اعمال الحفر والسبب خلف اعتيادهم لذلك هو تذكيرهم لانفسهم بالموت على الدوام مما يهذب الفكر ويرقى بالسلوك فيتامل الراهب فيها كل يوم متسائلا
ترى من يكون صاحبها ؟ كيف كان وكيف اصبح واين كان يعيش
هل كان قديسا ام قضى حياته بالتوانى
كم قضى من السنين على هذة الارض
ومتى اتنقل تاركا لنا جمجمته هذة
وايه افكار كانت تدور فى تلك الراس ؟ او بالحرى التى كات راس ؟
لقد كانت جماعه الاسكيثيين - وهم قوم رحاله - يزينون جدران ماكنهم بالجماجم والعظام البشريه ومنهم من كان يعلق بعضا من العظام فى رقبته او يزين انفه او اذنه ببعض قطع منها شأنهم فى ذلك شأن بعض القبائل الافريقيه من اكلى لحوم البشر ولكن هناك فرق شاسع ما بين الدوافع فى الحالتين :
حاله الراهب وحاله هذة القبائل
فهدف الاول كان التبكيت والتامل اللذين يجلبان الاتضاع
بينما كان اولئك المتوحشون يفخرون فى ذلك بالقوة والعظمه اذ كانت تلك العظام التى يقتنونها هى فى الواقع عظام قتلاهم
وسألنى محدثى عن وقت وكيفيه الحصول على الجمجمه التى يراها اما متى حصلت عليها فان ذلك كان من عدة سنوات واما كيف ؟ فلقد كان ذلك سرا لن افض به الى اى انسان ومع ذلك فلا مانع لدى من البوح به الان
كان ذلك فى احدى ليالى الصيف المقمرة حيث كان يحلو لى الخروخ ليلا اتجول فى الصحراء بعد معاناه قيظ النهار بشمسه المحرقه ورطوبته العاليه ففى بعض ظهيرات اغسطس قد تصل درجه الحرارة الى خمسين وكنت احتفظ بعصا من الجريد اخفيها بجوار بعض الاشجار حتى اذا ما خرجت من باب الدير ليلا قمت بالتقاطها من موضعها لاعيدها من جديد حال انتهاء جولتى من الصحراء اذ انه من غير اللائق ان اسير بعصا فى الدير ومازلت شابا حديث السن بين عدد لاباس به من شيوخ الدير
كانت التاسعه ليلا وهى موعد خروجى لاعود عند الثانيه عشر او بعد انتصاف الليل بقليل بعد ان اكون قد صليت وتاملت فالصحراء الممتدة مع الافق تحتضنها قبه السماء الزرقاء المرصعه بالنجوم تشعرنى بالابديه بسبب ذلك المد اللانهائى وكذلك الهدوء والجمال الاخاذ لقد كانت تلك الساعات القلائل بمثابه الزاد الذى احصل عليه ليعضدنى بقيه اليوم واذكر اننى كثيرا ما كنت اصنع ميطانياتى فى الصحراء قبل عودتى الى الدير ذلك قبل ان ينهانى ابى الروحى عن ذلك
فى تلك الليله وكانت الساعه قد بلغت الواحدة صباحا عند عودتى من خلوتى احسست وانا اهم بالدخول من باب الدير ان المكان معبق بسر ما ارحت عصاتى بجوار الشجرة ثم مررت بهدوؤ من الباب قاصدا قلايتى وكان طافوس الدير ( المدفن ) الخاص بالرهبان يقع على بعد ثلاثين مترا عن الباب من الداخل وفى منتصف الطريق حانت منى التفاته جهته فخيل لى لحظتئذ ان هناك من يقف امامه حقيقى ان كثيرين من الاباء يزورون هذا المكان يصلون قدامه ويتباركون منه ولكن الوقت كان متأخر ليجعل من المستبعد جدا فى نظرى ان يوجد هناك احد منهم لهذا الغرض ووقفت هنيهه اتحقق الامر فازدادت دهشتى اذ كان هناك بالفعل ثلاثه من الرهبان طوال القامه على نحو ما ولكنه لم ينتابنى اى خوف
فمضيت نحوهم بخطوات ثابته هادئه وكانى متجه الى اناس اعرفهم وامامهم تحققت من وجودهم وحقيقى انى لا اعرفهم لكن منظرهم كان مالوف لى وعندئذ تذكرت التقليد المعروف فى البريه بان المقارات الثلاثه القديسين يظهرون معا بين وقت واخر ولكنهم بالطبع - وبحسب احساسى وقتها لم يكونوا هم بل ثلاثه من رهبان الدير الذين تنيحوا من سنين وينتمون الى الجيل السابق لجيلنا وربما كانوا مألوفين لى نظرا لوجود بعض صورهم لدينا
ولكن لماذا جاءوا الان وعلى هذا النحو ؟
كانوا يتكلمون سويا بصوت خفيض فاما صرت أمامهم مباشرة او بالاحرى بينهم القيت اليهم السلام فردوا بهدوء ثم توقفوا عن حديثهم وشعرت بأبوة من ناحيتهم وشملنى فرح كبير وراحه تسرى فى جميع اوصالى فقد كنت أمنى نفسى كثيرا بأن يظهر لى احد الاباء القديسين او الرهبان المتنيحين بل وجدت ذاتى اقف بينهم بداله فبادرنى احدهم
- ما اسمك ؟
- تعرفون اسمى ( فلما صمتوا قلت )
- اسمى (.....) فمن تكونون اذن ؟ فرد اخر مبتسما
- هذا (....) وهذا ( ....) وانا (.....)
وكانت الاسماء التى ذكرها معروفه جيدا لدى بل والكثير من أخبارهم وذلك من خلال ما رواة لنا بعض شيوخ الدير الذين عاصروهم ثم بادرننى الثالث
- ماذا كنت تصنع فى البريه ؟
- كنت اصلى واتامل فأنا احب الصحراء واعشق الهدوء والسماء عندما تكون صافيه هذة عادتى منذ اتيت الى هذا المكان
- وتقتل ما تصادفه من حشرات وزواحف
- وما الضرر فى ذلك ؟ اليست ضارة ومؤذيه ؟ كما انى اكرهها
- ولكنها لم تضرك ولم تؤذك ولاعداء بينك وبينها فكن لطيفا ولاشأن لك بها
تعجبت ايما تعجب كيف عرف ان ذلك قد حدث معى بالفعل فى تلك الليله
ثم قال مستفسرا
- هل انت سعيد بحياتك هنا ؟
- بالطبع واكن اخبرونى هل انتم سعداء ؟
- بالتاكيد لقد سمعنا من فم الرب صوت الفرح ومسح دموعنا وها نحن فى انتظار مجيئه
- فلماذا خرجتم ؟
فصمتوا ولم يجيبوا فقلت لهم بداله التوسل مثل طفل صغير يتشبث بأبيه :
- احب ان اكون معكم هل لكم ان تطلبوا لاجلى لكى الحق بكم ؟
- ليس الان ...
- ولكنى متشوق وفى كل يوم اصلى الى الله لكى اخلع الخيمه واترك هذا الجسد
- انت لم تصنع شيئا بعد ولم تجاهد كما يليق فلماذا تتعجل المجئ إلينا ؟
- وماذا عساى ان افعل وانا اخشى ان تتفاقم شرورى مع امتداد سنى حياتى هنا
فقال اخر :
- ولماذا لا تجاهد فتتحول هذة السنين الى ثمر وفرح وعزاء وردد دائما ( لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح ) فقلت
- الحروب كثيرة وانا ضعيف وها انتم تروننى اجاهد واخرج لكى احاسب نفسى وابكتها على ما صدر منها خلال النهار
- كم لك فى هذا الدير؟
- هذة سنتى التاسعه منذ جئت الى هنا
- أو تحسب ذلك كثيرا فمللت الجهاد ؟ لقد عاش كا منا فى هذا الدير ما يقرب من الخمسين عاما فقلت متعللا :
- كانت ايامكم مختلفه
- كلا
- إذن فقد كان الناس مختلفين
- كلا ايضا فسألت متعجبا
- فما عسى ان يكون الفرق ؟
فصمتوا عندئذ ولم يجيبوا ثم قال احدهم ولم يكن قد تكلم بعد
- اننا فى عجب منكم ثم أمسك عن الكلام
وكنت اشعر بفرح عجيب وانا بينهم لا اشبع من حديثهم فطلبت منهم كمن صار له داله معهم - ان يأتوا معى لزيارتى فى القلايه لتتبارك بهم غير انهم ابتسموا صامتين فعدت الح عليهم ان ياتوا معى فلأسمع منهم نصيحه احيا بها فى حياتى وأردفت بالاستفسار عن سبب تعجبهم منا وعند ذلك قال الراهب
- " تسلكون فى حياتكم كأنكم لن تموتوا أبدا "
ثم احسست انهم اوشكوا على الرحيل فقلت لهم
- حسنا أفما تعطونى بركه ؟ شيئا للذكرى ؟
وعند ذلك نظر ثلاثتهم الى ثم نظر كل منهم الى الاثنين الاخرين وعندئذ أمسك احدهم راسه بكلتا يديه ورفعها عنه ثم قدمها الى !!فحملتها وانا فى ذهول والتفت لأنظر كيف حدث ذلك وكيف سيصبح بلا راس ! فلم اجد احد البته وياللعجب بل وجدت نفسى وحيدا أحمل بين يدى راس انسان
فلما تاملتها جديا أذا بها جمجمه
والتفت الى محدثى الجالس الى جوارى فى القلايه قائلا :
- تلك هى قصه الجمجمه التى تراها امامك
ومنذ ذلك اليوم وصار من بين عاداتى الثابته ان امضى كل صباح - حالما استقيظ من النوم - متوجها نحو الطافوس أقف أمامه فى خشوع لأصلى أوشيه الراقدين متذكرا هؤلاء الثلاثه الذين تقابلت معهم فى تلك الليله المباركه فأتحسر فى كل مرة لكونى فى الخارج وهم فى الداخل
أما الجمجمه فقد وضعت تحتها لافته كتبت فوقها :
" تسلكون فى حياتكم وكأنكم لن تموتوا أبدا "
دير البرموس
فى 13 / 12 / 2001
منقول من كتاب
عين الماء
اخوكم مجدى زكى
صلو لضعفى
magdy z
magdy z
عضو جديد
عضو جديد

عدد الرسائل : 85
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 01/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجمجمه Empty رد: الجمجمه

مُساهمة من طرف Admin الإثنين 20 يوليو 2009, 00:26

الجمجمه 2008-01-16-02_47_48jubailnet-com_vip
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 182
الكنيسة : كنيسة الشهيدة العفيفة دميانة - بولاق ابو العلا
تاريخ التسجيل : 28/09/2007

https://marmina-sahafa.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجمجمه Empty رد: الجمجمه

مُساهمة من طرف شيرى ابراهيم الثلاثاء 21 يوليو 2009, 23:57

" تسلكون فى حياتكم وكأنكم لن تموتوا أبدا "
شيرى ابراهيم
شيرى ابراهيم
مدير
مدير

عدد الرسائل : 144
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 16/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى